تطلٌّ البلدة لجهة الشرق على وادي قاديشا، وادي القديسين، وهو بقعة غنيّة بالكهوف والمغاور التي يصعب بلوغ معظمها.
أشهر تلك المغاور، مغارة عاصي الحدث وهي مغارة طبيعية تقع في نطاق بلدة حدث الجبة على ارتفاع 1300 متر.
وقد ذكر البطريرك اسطفان الدويهي في القرن السابع عشر، في كتابه “تاريخ الأزمنة”، أنّ مغارة عاصي الحدث كانت الحصن المنيع الذي لجأ إليه أهالي حث الجبة خلال حرب المماليك والصليبيين في المنطقة سنة 1283 م . جرت في السابق محاولات تنقيب عشوائية عاثت في المغارة تخريباً وأضاعت الكثير من معالمها الأثرية .أما التنقيب الحديث فلقد تمّ سنة 1990 من قبل الجمعية اللبنانية للأبحاث الجوفية، اللذين شكّلت اكتشافاتهم دلالات تاريخية لأحداث شهدتها المنطقة في القرن الثالث عشر. هذه الإكتشافات الغنيّة باتت اليوم موثقة في كتاب بعنوان ” عاصي الحدث” لبنان – تاريخ مغارة ” صادر عن مركز فينيكس، للدراسات اللبنانية – جامعة الروح القدس – الكسليك .(يُطلب من البلدية).
أولى تلك الإكتشافات موثّقة، جثة لطفلة تبلغ من العمر أربعة أشهر، أُطلق عليها اسم “ياسمين” استناداً إلى كتابات وُجدت إلى جانب الجثة يطلب كاتبها من الله شفاء الطفلة من الحمى . تحت كفنها أُلبست ياسمين ثلاث فساتين وكان عنقها مزيّن بعقد مرصّع بقطق الخرز الزجاجية، وقطعتين من النقود المعدنية التي يعود تاريخها إلى عهد السلطان المملوك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري، قائد الحملة المملوكية على حدث الجبة سنة 1283 م.
إلى جانب ياسمين وجدت سبع مومياءات أخرى تعود أربع منها الى قتيات في مرحلة الطفولة، وثلاث لنساء ناضجات . كما اكتُشف في المغارة 293 قطعة أثرية ، من بينها حلى وثياب مطرّزة وقطع جلدية وأوان خشبية وفخارية وزجاجية وأدوات حديدية ومواد غذائية وقطع نقود صليبية ومملوكية ومخطوطات عربية وسريانية بينها رسائل مسيحية وإسلامية.
تعتبر مغارة عاصي الحدث من الإكتشافات التي وضعت وادي قاديشا على لائحة التراث العالمي: فالمومياءات التي حُفظت طبيعياً في المغارة مدة سبعمئة عام شكًلت ظاهرة فريدة استدعت اهتمام الخبراء والمهتمين بالآثار في عدة دول من العالم. وقد تمّ نقل جميع المكتشفات إلى المتحف الوطني بعد ترميمه سنة 1995 .